سلمى العيماني : ينبغي إشراك الباحثين و الأكاديميين لبلورة مشروع متكامل في الطاقة المتجددة ببلادنا

مغربيات

منذ 2009 اعتمد المغرب استراتيجية لإنتاج الطاقة المتجددة، خطوة واكبتها إصلاحات تشريعية و مؤسساتية هادفة مكنته من أن يصبح دولة منتجة للطاقة من مصادر متجددة، إلا أنه حتى الآن لا زال يستورد ما بين 84٪ و 85٪ من حاجياته في الطاقة، مقابل 96٪ سنة 2011..كيف يمكن استثمار المؤهلات التي تتوفر عليها بلادنا لإنتاج الطاقة و ماهي السبل لتحقيق ذلك؟

مغربياتطرحت هذه المحاور و أخرى غيرها على سلمى العيماني أستاذة باحثة بالكلية متعددة التخصصات بورزازات بجامعة ابن زهر في الحوار التالي..

مغربيات : بداية هل يمكن إعطاء تعريف للطاقات المتجددة؟

هي كل مصادر الطاقة التي يكون تجديدها الطبيعي سريعًا بما يكفي حتى يمكن اعتبار أنها لن تنضب بالنسبة للزمن البشري. إنها تأتي من ظواهر طبيعية دورية أو ثابتة تحدثها النجوم : الشمس أساسية للحرارة والضوء الذي تولده ، ولكن أيضًا من جاذبية القمر (المد والجزر)، ثم هناك الحرارة التي تولدها الأرض (الحرارة الجوفية). يعتمد الطابع المتجدد للطاقة على السرعة التي يتم بها استهلاك المصدر منها من جهة ، ومن ناحية أخرى على السرعة التي يتم تجديدها بهاتعبير الطاقة المتجددة هي الصيغة القصيرة والمستهلكة لتعبيرات مصادر الطاقة المتجددة أو الطاقة ذات الأصل المتجدد والتي تعتبر أكثر دقة من وجهة نظر فيزيائية.

منذ عام 2009 ، اعتمد المغرب استراتيجية للطاقة تقوم على تطوير الطاقات المتجددة والتكامل الإقليمي في هذا المجال. ما الذي يمكن أن يجلبه هذا المشروع للمغرب؟

في سنة 2009 اعتمد المغرب، بموجب توجيهات جلالة الملك محمد السادس، استراتيجية للطاقة ، تقوم بشكل أساسي على الطاقات المتجددة (ENR) ، وتطوير فعالية الطاقة وتعزيز التكامل الإقليميوقد أثبتت هذه الاستراتيجية، التي تمت ترجمتها إلى برامج ذات أهداف محددة رافقتها إصلاحات تشريعية ومؤسساتية هادفة ، فعاليتها وأهميتها، مما مكن المغرب من أن يصبح دولة منتجة للطاقة من مصادر متجددة ، بينما كان يعتمد، في وقت سابق، بشكل كلي على الخارج لتلبية حاجياته من الطاقة الأحفورية “energie fossile”

حتى الآن ، فإن المغرب يستورد 84٪ إلى 85٪ من حاجياته من الطاقة مقابل 96٪ في 2011، و قد زاد الطلب على الكهرباء بنسبة 9٪ في 2011 ، وهو ما يمثل حوالي 5 TWhK، حيث من المرجح أن يتضاعف هذا الطلب في عام 2020 ، ويتضاعف أربع مرات في عام 2030. تعد هذه الزيادة محكومة، من بين أمور أخرى ، بعدة عوامل من أبرزها : ارتفاع أسعار الوقود العالمية مقارنة بأسعار الوقود الوطنية ، و الذي يصطدم بضعف القوة الشرائية المحلية. ينبغي ألا ننسى كذلك ما يفرضه مجال حماية البيئة من إجراءات تتوخى الحفاظ على المناخ، مما يجعل إنتاج الطاقة مدعوما ومنظما. ثم أخيرا هناك القيود المالية والاقتصادية المختلفة التي ترافق الاستثمارات الكبرى ، والتي أصبح يفرضها مجال إنتاج الكهرباء.

إذن و باختصار، تهدف الاستراتيجية الوطنية للطاقة إلى دعم التنمية الاقتصادية المستدامة. هذه الاستراتيجية تستند إلى : تأمين الإمدادات والوصول العام إلى الطاقة، و الحفاظ على البيئة و الدور الإقليمي والدولي الذي يلعبه المغرب، ثم المزيج الطاقي المتنوع و تنمية الطاقات المتجددة وكذا إعطاء الأولوية لفعالية الطاقة و التكامل الإقليمي و ركيزتها المتجددة.

كيف يمكن استثمار المؤهلات الطبيعية في بلادنا من أجل البحث عن مصادر الطاقة و الاستفادة منها؟

تعد الطاقات المتجددة مكونا رئيسيا في استراتيجية الطاقة المغربية، هذه الأخيرة تتوفر على إمكانات كبيرة، يمكن أن يغطي استغلالها جزءا كبيرا من احتياجاتها المتزايدة عن طريق استبدال الطاقة الأحفورية، وبالتالي فإن استراتيجية المغرب تهدف إلى زيادة حصة الطاقات المتجددة في الطاقة الكهربائية لأزيد من 52٪ في عام 2030.

وقد اعتمد المغرب مقاربة جديدة تتمثل في اعتماد برنامج إضافي يهدف إلى دعم جميع محطات تحلية مياه البحر المبرمجة بوحدات إنتاج الطاقة المتجددة لضمان الاستقلالية وتوفير الطاقة. كذلك و وفقا للإرشادات الملكية، ظهرت مبادرات جديدة في السنوات الأخيرة و ذلك من أجل تسريع انتقال الطاقة والاقتصاد إلى نموذج منخفض الكربون وتلبية الاحتياجات السوسيو اقتصادية للمواطينين، خاصة منها: 

· اعتماد خارطة طريق لتطوير الهيدروجين الأخضر.

اعتماد خارطة طريق لاستعادة الطاقة من الكتلة الحيوية

· إنشاء خارطة طريق للطاقة البحرية.

. تطوير برنامج متكامل لمحطات تحلية المياه المبرمجة مزود بوحدات إنتاج الطاقة المتجددة، بهدف تلبية احتياجات السكان والمزارعين من مياه الشرب والري.

· برنامج إزالة الكربون عن الصناعة الوطنية من خلال تجهيز جميع المناطق الصناعية بالمملكة بمشروع طاقات متجددة بقدرة إجمالية تزيد عن 800 ميغاواط (MW).

ما هي المبادرات التي ينبغي اتخاذها من أجل التحول في مجال الطاقة مثل البلدان الرائدة الأخرى في هذا المجال؟

يمكن ذلك بالاستفادة من إطار تشريعي ومؤسساتي مهم أولا ، ثم من إمكانات كبيرة للطاقة المتجددة، دون إغفال تطوير البنية التحتية للنقل الكهربائي بالموازاة ، والإمكانات الكبيرة المواكبة لنمو الطلب، وقد شهد المغرب تحولا في إنتاج الكهرباء خلال السبعة أعوام الماضية، و هو ما يهدف إلى تحقيق 52٪ من إنتاجهتهدف هذه الاستراتيجية الجديدة أيضا إلى استكشاف مصادر جديدة للطاقة مثل تحويل الطاقة المتعلقة بالنفايات (الكتلة الحيوية) في المدن المغربية الكبرى واستخدام الطاقات المتجددة قدر الإمكان، وبالتالي رفع نجاعة الطاقة في المباني العامة، في إطار برنامج رئيسي يقوم على النموذج الذي سطرته الدولة.

وقد بدأت هذه الرؤية تؤتي ثمارها ، وتم الانتهاء من 111 مشروعا للطاقة المتجددة تم تحقيقها أو هي قيد التطوير. كما أن إحصائيات الميزانية العمومية لسنة 2020 للمكتب الوطني للكهرباء ومياه الشرب ( ONEE) كشفت، في نهاية شهر يناير ، عن نصيب الطاقات المتجددة في القدرة على إنتاج الكهرباء في المغرب. فمن بين 10557 ميجاوات (MW) من الطاقة المركبة في نهاية عام 2020 ، فإن 36.8٪ منها تأتي من الطاقات المتجددة.

كيف ترون اليوم الاستراتيجية التي ينتهجها المغرب في مجال الطاقات المتجددة وما هي سبل تطويرها؟

كل ما تم ذكره سابقا هو أساسي وواعد بالنسبة لبلدنا ، لكن لا يمكن أن يكون فعالا وقابلا للتحقيق بطريقة ملموسة وهادفة دون إشراك واسع للفاعلين و للمؤسسات و أكاديميات البحث المغربية. وهو بالفعل في طريقه إلى التشكل، في جزء منه، من خلال رعاية العديد من المشاريع والشراكات بين المؤسسات الأكاديمية والصناعية والوزارة الوصية. في الواقع هناك تعاون قوي بين الأكاديميين / الباحثين والعاملين الرئيسيين في المجال و الصناعة ، في الطاقات المتجددة في المغرب. “IRESEN” هو معهد بحث تم إنشاؤه في عام 2011 من قبل وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، و الفاعلبين الرئيسيين في مجال الطاقة في المغرب من أجل دعم استراتيجية الطاقة الوطنية من خلال دعم ما يسمى بالبحث والتطوير التطبيقي ( R&D) في مجال الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة. هذا المعهد يأخذ موقعه في مجال البحث والتطوير من خلال وكالة الموارد ومركز الأبحاث التابع له ، مما يوفر العديد من الفرص لخلق الانسجام بين العالم السوسيو اقتصادي والعالم العلمي حول مشاريع التعاون في البحث و التطوير. وقد واكبت جامعة ابن زهر من خلال الكلية متعددة التخصصات ورزازات و التي أنتمي إليها هذا المشروع الوطني، حيث أنها، و منذ عام 2009 ، عملت على خلق شعبة تقنيات استغلال الطاقات المتجددة. لدينا أيضًا دورة “Bechelor” التي انطلقت في شتنبر 2021 في هذا الاتجاه، بالإضافة إلى مسلك الماجستير التي ستتخرج فيه أول دفعة في يوليوز 2022. كل هذه التخصصات توفر تكوينات و بحث في مختلف مواضيع الطاقة المتجددة.

About Post Author