زوبعة جديدة بشبكات التواصل الاجتماعي بسبب “بسكويت”

مغربيات

أثارت عبارات حب كتبت على غلاف أحد المنتوجات التجارية بسكويت ضجة جديدة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها نشطاء عبارات غير لائقة و من شأنها أن تفسد أخلاق الناشئة، خاصة أن الشركة المنتجة اختارت هذه الطريقة لتسويق منتوجها الذي يتزامن مع اقتراب حلول السان فالنتان عيد الحب.

وعبر العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم لهذه العبارات التي اختار أصحاب المنتوج أن تكون باللهجة العامية الدارجة من قبيل : كنبغيك، منقدرش نعيش بلا بيك“.. وغيرها من العبارات التي وجدوا أنها خادشة للحياء، كما دعوا إلى مقاطعة المنتوج، في حين اعتبر آخرون أن الأمر لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان، و أنها عبارات عادية ينبغي أن تدخل في قاموسنا اليومي، داعين إلى عدم الخجل من التعبير عن مشاعر الحب لبعضنا البعض.

فئة أخرى رأت أن الانتقاد كان ينبغي أن يوجه لفكرة الترويج للمنتوج نفسها، و التي رأت أنها تفتقر للجمالية وروح الإبداع و الفشل في خلق فكرة تعبر عن الحب دون كتابة عبارات مباشرة على غلاف البسكويت.

يرى الكاتب و الناشط الحقوقي أحمد عصيد أن الزوبعة المقامة بسبب عبارات الحب في منتوج تجاري تدل على مرض اجتماعي و على تخلف الوعي الجمالي للفئات المؤطرة من طرف النزعة المحافظة، وهي نزعة تقوم بالتنفير من كل ما هو جميل وتمجد القبح والأقنعة الاجتماعية التي تكرس النفاق الاجتماعي، لأن حياة المغاربة في حقيقتها مخالفة تماما لما يقوله التيار المحافظ، وحتى الذين يتبعونه وينشرون المواقف المتشنجة في شبكات التواصل الاجتماعي، يتصرفون في سلوكهم الواقعي بشكل مخالف، فالذي يرفض الحب ويعتبره رذيلةيعطي نفسه الحق في الحب عند أول فرصة، بل يعطي نفسه الحق في ممارسة الجنس خارج الزواج عند أول مناسبة تسنح له، ثم يقول للمجتمع الله يعفو علينا، وهذا معناه أننا في مجتمع صنع الكثير من الطابوهات والمحرمات السطحية ثم شرع في الالتفاف عليها ومراوغتها في سلوكه الاجتماعي الواقعي.

ويشير الكاتب إلى أن هناك عامل آخر وراء التهجم على عاطفة الحب هو الكبت الجنسي الكبير الذي يعاني منه كثير من المواطنين ، وهو كبت يؤدي إلى اعتماد الأفكار المتشددة لمنع الغير من التمتع بحرياته الشخصية، لأن نزعة التشدد والمحافظة مرتبطة في مجتمعنا بنزعة الوصاية على حياة الآخرين. وهذا كله يؤدي إلى نشر ثقافة العنف المضادة لمبادئ التسامح والعيش المشترك، ويجعل الحياة الاجتماعية جحيما بالنسبة للفرد المواطن، مما يجعل السعادة شيئا مفقودا لأنها تقوم أساسا على الحريات الفردية والحق في اختيار نمط الحياة الشخصية التي لا دخل للآخرين فيها. ولهذا نجد مجتمعات الحرية هي الأكثر سعادة وتسامحا وتعاونا أيضا، بينما نجد المجتمعات المغلقة والمتشددة هي الأكثر شقاء وافتقارا إلى الأخلاق النبيلة وإقبالا على الغش والكراهية والعنف.

أحمد عصيد

أما الكاتب سعيد لكحل فيرى أننا نواجه تيارا إسلاميا سلفيا معاديا لكل ما هو جميل، بغض النظر عن فكرة الإشهار نفسها التي اعتمدتها الشركة للترويج لمنتوجها، مشيرا إلى أن المنتوج لو تم طرحه في فترة السبعينات مثلا لما أثار هذه الضجة التي يثيرها اليوم في مجتمعنا، وضرب مثلا بكتاب القراءة الذي كان مقررا في مناهج التعليم في تلك الحقبة، و الذي كان غلافه يصور تلميذة تمسك بيد تلميذ وهما متوجيهن إلى المدرسة، و لم تكن الصورة تثير أي نوع من الاحتجاج آنذاك.

واعتبر لكحل أننا اليوم نعيش في مجتمع تسوده ثقافة الإسلاميين وهي ثقافة يغلب عيلها الهاجس الجنسي، حيث أنهم كلما صادفهم أمر ذو خلفية و تأويل جنسي إلا ووظفوه لمصلحة طروحاتهم المتشددة و المتخلفة.

وعن غياب النقاش حول الإبداع في الإشهار، أكد الكاتب أن الإسلاميين يفتقرون لوجود هذا النوع من القراءة الفنية للإشهار، حيث يكتفون بالقراءة الفقهية بعيدا عن الجانب المشرق فيها، و يتشبثون بالجانب المتزمت المتشدد الذي يسعى دائما للتأثير على نفسية المجتمع و استغلال أي أمر يفتقر للإبداع و الجمالية استغلالا إيديولوجيا، سيما بعد الضربة الأخيرة التي تلقوها، وهو ما جعلهم يقتنصون الفرص لاستغلالها لصالحهم.

سعيد لكحل

بلهجة ساخرة كتبت الشاعرة المغربية فريدة العاطفي تدوينة على صفحتها بموقع فيسبوكجاء فيها :‫”يبدو أن شركة البسكويت بالمغرب المسماةبيمو، اختارت أن تكتب على ورق البسكويت كلمة كنبغيكيعني أحبك بالدارجة المغربية ، فما كان من بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلا أن قرروا بدأ حملة مقاطعة للبسكويت بحجة أن الكلمة خادشة للحياء العام ،ويبدو أن الاحتجاج على كلمة أحبك على ورق البسكويت بدأ من بائع لهذه الحلوىوهذا يعبر على درجة المشاكل التي لدى بعض الناس مع الحبو بهذا ينتقل الصراع بين الحداثيين والسلفيين بالمغرب إلى أوراق الحلوى..‫”‬.

فريدة العاطفي

About Post Author