أثار ديوان للشاعرة التونسية وفاء بوعتور يحمل عنوان “نهديات السيدة واو ، الشطحة الثانية” جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بدأ من موطنها تونس و امتد إلى البلدان العربية ليصل إلى المغرب، سواء بسبب القصائد التي تضمنها و اعتبرها الكثيرون مغرقة في الإباحية، أو بسبب الغلاف الذي تظهر من خلاله الشاعرة بنهدين بارزين.
ونشرت صاحبة الديوان صورة الغلاف على صفحتها بفيسبوك و قالت إن الديوان سيباع خلال المهرجان الدولي للكتاب بتونس الشهر المقبل، وكتبت ” شكرا لنهدي المولود من فم الشعر، شكرا لشعري المنثال من فم النهد، شكرا لأب باركني و بسمل و ألقى بي في جب اللغة”
وانهالت عليها التعليقات من كل حدب وصوب، بين من اعتبر الديوان بعيدا كل البعد عن الشعر و جمالية معانيه و رسائله السامية، و بين من وصفوه بالشعر الإباحي و الإيروتيكي، وقليلون جدا من أشادوا به معتبرين أنه يدخل في نطاق الكتابة عن الجسد.
ونشرت الكاتبة و الشاعرة فريدة العاطفي في صفحتها بموقع فيسبوك “لقد تلقت السيدة “واو” عن ديوانها ” نهديات السيدة واو ” ما يكفي من النقد، و أتمنى لها من قلبي الخروج سالمة من هذا الحجم الكبير من الرفض الذي تعرضت له.
ثم أضافت “لكني أود أن أشير بمناسبة هذا الديوان إلى أن الكتابة عن الجسد، سواء كانت فكرية أو إبداعية هي من أصعب أنواع الكتابات، لأنها يمكن بسهولة أن تنجرف نحو السوقية و دغدغة المكبوت والرغبة في لفت الانتباه، والاسوأ أن تنجرف نحو الرخص واسترخاص الذات وعملية الابداع ذاتها مثل ما حصل مع السيدة “واو”.
و عن الكتابة عن الجسد، قالت ” لكي تكون كتابة هادفة و بناءة تحتاج إلى خلفية فكرية وثقافية عميقة…تحتاج إلى رؤية معرفية حقيقية … تحتاج أكثر من غيرها إلى الأخلاق”.
ثم أضافت “اقول دائما أن الكتابة عن الجسد هي فعل ثوري لأنها تريد المساهمة في تحرير بعد من أهم ابعاد الوجود الانساني وهو الجسد باعتباره غلافا للروح، وذاكرة لها”، مشيرة إلى أن “الذين يستصغرون الكتابة عن الجسد ودورها ما عليهم إلا أن يقرؤوا عن تأثير التحرشات الجنسية والاغتصابات والأمراض والعنف الجسدي وكل ما يصيب الجسد من أذى على الروح وقدرها، وأن يقرؤوا بالمقابل تأثير الحب والحنان والحياة الجنسية المتوازنة على نفسية الإنسان وقدر الروح …تحرير الجسد من الأغلال هو إحدى البوابات المهمة لتحرر الإنسان ،لذلك يواجه في المجتمعات الديكتاتورية بالقمع والسجن وتشويه السمعة…و يواجه بالرفض من طرف قوى عديدة من مصلحتها الطبقية أن يظل الإنسان سجينا…لكي يكون أضعف”.
و ختمت العاطفي تدوينها قائلة “وبالتأكيد الذين يكتبون عن الجسد برخص حتى ولو كان ذلك بعفوية فإنهم يعكسون فراغا فكريا وعقليا يسيء إلى الجسد والكتابة عن الجسد…خلفياتها وأبعادها وهذا ما حصل مع السيدة واو”.
وبدورها كتبت الإعلامية بشرى مازيه على صفحتها بفيسبوك “في خاطر الدواوين الشعرية وما جاورها من مهازل على السوشل ميديا…تذكير فقط: “تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها”
و قالت ل”مغربيات” إن تدوينتي كانت مجرد رد فعل على الابتذال الذي أصبح من حولنا سواء في وسائل التواصل الاجتماعي، وانتقاله أيضا للمجال الثقافي بحثا عن الإثارة للتمكن من تسويق منتوج أتفه من الطريقة التي تعرفنا عليه من خلالها”.
و أضافت “أخشى أن نكون على مشارف تدشين لمرحلة روتيني الشعري…وغيره من المجالات الأخرى الي قد تصبح ضحية مثل هذه التصرفات. لست أدري هل كل ردود الفعل التي تثيرها مثل هذه المواضيع وغيرها لا تساهم كذلك في انتشارها…لكن الصمت أحيانا يخنقنا فننتفض و تأتي ردة فعل كل منا حسب إحساسه لحظتها…”
من جهته وصف الصحفي و المترجم محمد جليد هذا الجدال بكونه يدخل في نطاق “الجدالات الفارغة التي نعيشها” ، واعتبر أنه يخدم رواج الديوان في السوق.
و قال إنه ليس على علم بما ورد في هذا الديوان، ولكن مهما يكن فهو يدخل في صنف أدب عربي يسميه النقاد بالسخف، و أحال على ابن الحجاج الذي اشتهر بهذا النوع من الشعر، ومع ذلك اعتبره الشريف الرضى واحدا من أهم شعراء العصر العباسي.
و أكد أنه لم يطلع على ما كتبته التونسية وفاء بوعتور، كما لا يمكنه تقييم شعرها لكونه ليس بشاعر و لا ناقد.
و أحال جليد على شعر أبي نواس وقال إنه مليء بالإيروتيكا، مشيرا إلى أنه سبق وترجم كتابا يبين هذا التراث عنوانه “شعرية السخف في الشعر العربي القديم” لازال لم ينشر بعد.