المشاركة السياسية للمرأة : الرهانات والتحديات

تعتبر الدراسات حول المرأة من أبرز الدراسات في عصرنا الحالي، وخاصة مع تنامي الوعي بضرورة إشراكها في تنمية وتطوير المجتمع، بحيث لا يمكن تصور تنمية بدون إدماج المرأة وتمكينها في العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى ضمان حقوق عادلة لها وخاصة بالمجتمعات العربية، والتي سبق وصادقت على العديد من المعاهدات والاتفاقيات التي تلت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
إن موضوع حقوق المرأة استطاع أن يفرض نفسه على مستوى الشأن الوطني والدولي، وقد تحولت العديد من المطالب النسائية إلى قوانين حقيقية بمجموعة من الدول العربية، ويعتبر المغرب من ضمنها ففي دستور 2011 أقر الفصل 19 بالمساواة بين الجنسين في التمتع بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد أكد على سعي الدولة إلى تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء من خلال إحداث هيئة للمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ويبقى النهوض بحقوق المرأة أمرا ملحا خاصة في المجال السياسي ويتطلب تضافر جهود كل فعاليات ومكونات المجتمع، وخاصة في ظل تنامي الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية التي يعيشها العالم اليوم.
عرفت المشاركة السياسية للمرأة العربية والمغربية على وجه الخصوص تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة على المستوى الوطني والمحلي الذي جاء نتيجة تحولات سياسية شهدها المغرب في أواخر التسعينات من القرن الماضي، والتي ستلقي بظلالها على المجال القانوني والتشريعي، لكنها تتطلب آليات للتطبيق عبر سياسات اجتماعية واقتصادية ملائمة لكون المشاركة السياسية تتيح المساهمة في تدبير الشأن العام والسياسي على وجه الخصوص.
ويبقى الرهان المطروح في التمكين السياسي للمرأة وذلك بدعم وصولها إلى مراكز القرار السياسي وإتاحة الفرصة أمامها من أجل التأثير المباشر في صناعة القرارات المرتبطة بالسياسات العمومية وفتح المشاركة السياسية أمامها من حيث انخراطها في الأحزاب السياسية ومختلف المؤسسات السياسية والتمثيلية سواء عبر السبل الانتخابية أو غيرها من الإجراءات الأخرى…
وتعتبر الإجراءات المنصوص عليها دستوريا وقانونيا وحتى عرفيا، كالكوطا والمناصفة التي تهدف إلى وجود تمثيلية حقيقية للنساء في مرافق الدولة وسيلة من أجل إتاحة الفرصة لتولي المرأة مراكز القرار وتحسين صورتها عن طريق إبراز أن المرأة قادرة على تولي مناصب القيادة مثلها مثل الرجل وذلك من خلال التواجد في مراكز القرار والمجالس المنتخبة محليا ووطنيا، والانخراط في الأحزاب السياسية بالإضافة إلى وجود نسبة كبيرة من المصوتات والمرشحات في الانتخابات.
ما زال موضوع مشاركة المرأة في صنع القرار موضوعا جدليا يستحوذ اهتمام الناشطين في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة خاصة بالمنطقة العربية ، بحيث تبقى تحديات المشاركة السياسية أيضا متنوعة ومتعددة ومرتبطة من جهة بالمجتمع نفسه ومن جهة أخرى بالهيئات السياسية داخل الدولة، ويظهر ضعف مشاركة المرأة السياسية في قلة تمثيلها في هذه الهيئات، كالحكومة والبرلمان والنقابات والأحزاب، وهو ما يجب العمل على تجاوزه وذلك من خلال مقاربة شمولية وتوافر مجموعة من العناصر الذاتية والموضوعية، وذلك لكون إشراك المرأة بالحياة السياسية يعتبر من أهم شروط الديمقراطية التي تتحقق بالمساواة وإعطاء الفرصة للجميع دون التفرقة بين الجنسين.
إن إشراك المرأة في رسم معالم المستقبل باعتبارها طرفا رئيسيا وشريكا فاعلا في التنمية أمر ضروري وملح سيسمح بالاستفادة من كفاءتها العلمية والعملية، كما سيسمح لها بتجاوز الإقصاء والتمييز الذي عانته على امتداد سنوات.

بشرى القاسمي باحثة في العلاقات الدولية بالمغرب.

About Post Author