الأيام الأممية… منظمة المرأة العاملة تطلق برنامجا وطنيا للترافع و التحسيس حول العنف ضد النساء
مغربيات
تخليدا للأيام البرتقالية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، الممتدة من 25 نونبر إلى 10 دجنبر من كل سنة، تعلن منظمة المرأة العاملة والمقاولة بالمغرب عن إطلاق برنامجها الوطني للترافع والتحسيس حول العنف المبني على النوع الاجتماعي.
و ذكرت رئيسة منظمة المرأة العاملة إيمان غانمي أن ذلك يأتي في سياق دولي وإقليمي يتسم بتنامي مختلف أشكال العنف، وارتفاع مؤشرات الهشاشة التي تعاني منها النساء، خصوصاً في أماكن العمل وداخل المنظومات الاقتصادية والاجتماعية.
وأكدت أن العنف المبني على النوع الاجتماعي، بجميع أشكاله الجسدية والنفسية والجنسية والاقتصادية والرقمية، يشكل انتهاكا صريحا للحقوق الأساسية المكفولة دستوريا، خاصة ما يتعلق بالكرامة الإنسانية، والمساواة، وعدم التمييز، والحق في الأمن الجسدي والنفسي، والولوج العادل إلى الفرص.
و أشارت أن هذه الحقوق تستند إلى الفصلين 19 و31 من الدستور، وإلى التزامات المغرب بموجب الاتفاقيات الدولية، ولا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 المتعلقة بالقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل.
وذكر البيان الذي أصدرته المنطمة أن المؤشرات الوطنية والدولية تشير إلى أن العنف ما يزال منتشرا على نطاق واسع، رغم التقدم التشريعي الذي حققه المغرب خلال السنوات الأخيرة.
وتطرق إلى التقارير الميدانية والحقوقية التي كشفت عن استمرار تعرض النساء للعنف في فضاءات مختلفة، من بينها الأسرة، المؤسسات التعليمية، الأماكن العامة، والفضاءات الرقمية، غير أن أخطرها يبقى العنف داخل أماكن العمل، نظراً لارتباطه المباشر بالاستقلال الاقتصادي للنساء، وبسلامتهن المهنية، وبحقوقهن في التطور والترقي، وبمشاركتهن الكاملة في الحياة الاقتصادية.
وسجلت المنظمة في هذا الباب، استنادا إلى المعطيات التي تَرِدُها عبر قنوات التبليغ والمواكبة، أن عددا كبيرا من النساء العاملات والمقاولات يواجهن أنماطا مركبة من العنف، تتجاوز الأفعال المباشرة إلى العنف المؤسسي والاقتصادي والشطط في استعمال السلطة. وتشمل هذه الانتهاكات التحرش بجميع أنواعه، والممارسات التمييزية في التوظيف والترقية، و فرص تحمل المسؤولية، والإقصاء الممنهج داخل هياكل التسيير، والتهديد أو الانتقام عند تقديم الشكايات، والتأثير على المسار المهني كوسيلة للضغط أو الترهيب. كما يتم تسجيل حالات تتعلق بعدم احترام الحقوق الأساسية للشغل، كالحرمان من الأجر العادل، أو عرقلة الاستفادة من التغطية الاجتماعية، أو فرض شروط عمل غير منصفة.
و أوضحت “أن هذه الممارسات تمثل، في جوهرها، امتداداً لما يُعرف بالعنف الهيكلي أو البنيوي، وهو الأكثر خطورة بالنظر إلى قدرته على إعادة إنتاج التمييز داخل النظم الاجتماعية والتنظيمية بشكل مستمر، ما يجعل العنف ظاهرة مؤسساتية لا تقتصر على الأفراد، بل تتصل بسياسات وإجراءات داخل المؤسسات والإدارات والمقاولات. وتؤكد المنظمة أن التصدي لهذا الشكل من العنف يتطلب إصلاحات تشريعية وإدارية شاملة، وتفعيل آليات الحماية والوقاية والمساءلة”..
وفي الوقت الذي اعتمد فيه المغرب القانون 103-13 لمكافحة العنف ضد النساء سنة 2018، باعتباره خطوة مهمة نحو حماية الضحايا وضمان تتبع الشكايات، فإن تطبيق هذا القانون على أرض الواقع لا يزال يواجه عدة معيقات، أهمها بطء المساطر، محدودية التكوين المتخصص للموظفين المكلفين بتلقي الشكايات، ضعف الدعم القانوني والنفسي للنساء، غياب هيئات داخلية مختصة في المؤسسات لمعالجة الشكايات، وعدم توفر آليات فعالة لحماية المبلغات من الانتقام. كما أن هذا القانون لا يُعالج بشكل كافٍ العنف الاقتصادي والمؤسسي والتمييز الهيكلي، مما يستوجب تعديلاً تشريعياً يعكس تطور الظاهرة ويوسّع نطاق التجريم والحماية.
وبالإضافة إلى ذلك، سجلت المنظمة استمرار العنف الرقمي الذي يستهدف النساء العاملات والمقاولات عبرالتشهير، والابتزاز، والمضايقات الإلكترونية، وهو ما يجعل الفضاء الرقمي، رغم أهميته الاقتصادية والمهنية، مجالا محفوفا بالمخاطر التي تؤثر على الأمن الشخصي والمهني للنساء، مما يعمّق هشاشة النساء داخل بيئات العمل.
وإذ تؤكد منظمة المرأة العاملة والمقاولة بالمغرب أن القضاء على العنف المبني على النوع الاجتماعي شرط أساسي لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، فإنها تدعو إلى اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية: الوقاية، الحماية، والمساءلة. وتشمل هذه المقاربة تعزيز التكوين والتوعية داخل المؤسسات العمومية والخاصة، وتعميم آليات التبليغ والحماية داخل أماكن العمل، إلى جانب مراجعة التشريعات ذات الصلة لتشمل تجريم العنف المؤسسي والاقتصادي بشكل صريح.
كما جددت منظمة المرأة العاملة والمقاولة بالمغرب التزامها الكامل بمواصلة العمل الترافعي، والتوعوي، والميداني من أجل حماية النساء، وتمكينهن اقتصادياً ومؤسساتياً، وضمان مشاركتهن الفاعلة والآمنة داخل سوق الشغل والمقاولة، وترسيخ مبادئ دولة الحق والقانون، واحترام الكرامة الإنسانية، والمساواة، وتكافؤ الفرص. كما تدعو جميع الفاعلين (ات)، حكوميين (ات) ومؤسساتيين (ات) ومجتمعين(ات)، إلى اعتبار مكافحة العنف قضية وطنية تتطلب تنسيق الجهود وتعبئة دائمة لإحداث التغيير المنشود.
