“أشبار نزربان” تعاونية فلاحية أخرجت نساء تيزنيت من عزلتهن
مغربيات
في سنة 2010 قررت مجموعة من النساء بجماعة “بونعمان“ بإقليم تيزنيت أن يحولن منطقة “اشبار نزربان“ وتعني “ساحة حرب“ إلى ساحة حرب حقيقية ضد الفقر و التهميش، عن طريق خلق تعاونية فلاحية أطلقن عليها نفس اسم المنطقة : تعاونية “اشبار نزربان“ الفلاحية، ليجعلن منها واحدة من أكبر التعاونيات في إنتاج زيت الأركان ومشتقاته بمنطقة سوس.
“مغربيات“ تواصلت مع جميلة بوريك رئيسة تعاونية “أشبار نزربان“ الفلاحية للحديث عن التعاونية و عن مشاكل التسويق و تدبير فترة الجائحة..
منذ توليها رئاسة التعاونية وجميلة بوريك تحاول جاهدة أن تجعل من هذا الإطار، الذي يضم سبع نساء منخرطات بشكل دائم و ثلاثين امرأة موسميا، بحسب الطلب و حسب الحاجة لليد العاملة، فرصة للنساء من أجل خلق مشاريع مدرة للدخل، وكذا تعلم الكثير من المهارات التي تؤهلهن لأن يكن منخرطات و فاعلات في تنمية منطقتهن.
بعض منتوجات التعاونية
تقول جميلة بوريك رئيسة التعاونية ل“مغربيات“ : كانت النساء تعملن بشكل جماعي لاستخراج زيت الأركان من أمام بيوتهن، وهو عمل يتطلب مجهودا ووقتا، ومع مرور الوقت أدركنا أن المجهود الفردي في هذه العملية لا يعطي أكله، كما هو الشأن بالنسبة للنساء مجتمعات، و من تم فكرنا في خلق إطار يجمع كل النساء اللواتي يشتغلن في الأركان، فكان ميلاد التعاونية“.
تنتج تعاونية “أشبار نزربان“ زيت الأركان ومشتقاته من مواد تجميلية (صابون، كريمات، زيوت طبيعية..) و إنتاج الكسكس بالأعشاب المنسمة (الكسكس الثلاثي و الرباعي و الخماسي..)، وتعمل فيها النساء إما بشكل دائم أو بشكل موسمي.
تضم التعاونية 7 نساء منخرطات بشكل دائم ، فيما يصل عدد المنخرطات بشكل موسمي 30 امرأة حسب لائحة طلبات الزبناء. ففي موسم جني الأركان و العمل على استخراج الزيت مثلا يتضاعف العدد، وكذلك الشأن بالنسبة للكسكس، إذ كلما زاد الطلب على المنتوج زاد طلب اليد العاملة، خاصة و أن عملية تكسير حبة الأركان عملية شاقة و تتطلب صبرا.
تكسير حبات الأركان كمرحلة أولى
عن ظروف الجائحة تشير رئيسة التعاونية إلى أنه “منذ سنتين ونحن نعيش ركودا بسبب صعوبة التسويق التي فرضتها كورونا، حيث أدى غياب المعارض و إغلاق الحدود إلى ضعف الإنتاج و التسويق، و أصبحت التعاملات تقتصر فقط على الزبناء الدائمين و الأوفياء من المدن المجاورة“
لضمان التواجد داخل شبكة من ينتجون زيت الأركان، عمدت التعاونية على الرفع من الجودة ، من أجل كسب ثقة زبنائها من جهة، خاصة في ظل المنافسة، و لحجز مكان مريح وسط شبكة من التعاونيات التي تنتج الاركان في منطقة سوس، التي تشتهر بتوفرها على غابات الأركان.
لا تعاني النساء في التعاونيات التي تنتج الأركان من صعوبة التسويق بسبب الجائحة فحسب، بل أيضا بسبب ظروف الجفاف التي جعلت المنتوج ضعيفا، خلال السنوات الأخيرة، ليرتفع ثمن اللتر الواحد من زيت الأركان من 300 إلى 600 درهم، وهو ما صعب الحصول عليه من أجل استخراج الزيت الذي يستعمل في إنتاج مواد تجميلية وغيرها من المواد، خاصة و أن التعاونية تعتمد على الأركان الذي يتم جنيه مباشرة من الأشجار.
ولتجاوز هذه الأزمة، توضح بوريك، أن النساء لجأن إلى منتوجات أخرى مثل الكسكس و الصابون و الزيوت الأخرى حتى يعوضن الخسارة التي تسببت فيها الجائحة و الجفاف.
الكسكس بالطريقة التقليدية
لا يقتصر عمل التعاونية على تكوين النساء في مجال إنتاج زيت الأركان و مشتقاته، فقط بل إن المنخرطات يستفدن من تكوينات في المجال القانوني و المالي المتعلق بتأسيس التعاونيات و تدبيرها. تقول رئيسة التعاونية في هذا الإطار “الحمد لله أن أغلب النساء المنخرطات في التعاونية لهن إلمام بالمجال القانوني و المالي و في تسيير التعاونيات. أغلبهن يحفظن عن ظهر قلب القانون 112ـ12 المنظم للتعاونيات، وهو أمر أرى أنه في غاية الأهمية، لأن كل منخرطة هي مرشحة لأن تكون رئيسة للتعاونية مستقبلا، و بالتالي من الضروري أن يكون لها إلمام بالجانب القانوني و المالي“.
و لأن المفهوم الذي تنبني عليه التعاونية يقتضي تأهيل النساء ليكن شريكات ومساهمات في التنمية المحلية، فإن التعاونية حرصت على تنظيم دروس محو الأمية لفائدة النساء القرويات، حيث تستفيد كل سنة 30 امرأة تقريبا.
أثناء درس محو الأمية
تعد جميلة بوريك كذلك عضوة في الشبكة الإقليمية للاقتصاد الاجتماعي التضامني، حيث تساهم في تكوين النساء الراغبات في تأسيس تعاونيات فلاحية و غيرها من أجل المساهمة في تنمية لمناطقهن و خلق مشاريع مدرة للدخل.
تطمح جملية بوريك لأن تصبح تعاونية “أشبار نزربان“ التي ترأسها ذائعة الصيت ليس في منطقة سوس فحسب و التي استطاعت أن تكسب داخلها شهرة واسعة، و إنما في جميع أنحاء مناطق المملكة، وحتى خارج الوطن، وتَعتبرُ أن العمل الذي تقوم به النساء في التعاونية ليس الهدف منه هو خلق مشاريع مدرة للدخل فقط عن طريق إنتاج زيت الأركان و مشتقاته، و إنما هن سفيرات لمنطقتهن يعرفن بها و بموروثها الثقافي و التراثي، سيما و أن شجر الأركان يعد إرثا ثقافيا، لاستعمالاته المتعددة، في الطبخ و في التجميل وغيرهما. وإذا كانت المنطقة تتميز بخصوصياتها الثقافية، تؤكد بوريك، فإن زيت الأركان جزء من هذه الخصوصية، حيث يتميز برائحته القوية و جودته العالية، خاصة و أن النساء يحرصن على انتاجه بالطرق التقليدية التي تعتمد على طحن الأركان بواسطة الرحى.